طلقتها قبل سنوات طويلة وأندم اليوم !!!
أنا رجلٌ عاش تجربة قد يراها البعض مألوفة، لكنها في داخلي كانت زلزالًا لا تزال ارتداداته تهزّني حتى اليوم. قبل أكثر من عشر سنوات، كنت شابًا أحب فتاة من كل قلبي، عشقت فيها كل شيء؛ ضحكتها، هدوءها، حياءها، وحتى طريقة حديثها. كنت أراها شريكة حياتي التي لا بديل لها. طرقتُ بابها رسميًا، تقدمت لخطبتها، لكن والدها رفضني… وبكل بساطة قال: "نصيبها مع ولد عمها".
انكسر شيء بداخلي وقتها. كنت شابًا مندفعًا، محبطًا، وبدلًا من أن أواجه رفضه بصبر أو أتمسك بالأمل، قررت أن أُغلق هذا الباب، وأفتَح آخر. قلت في نفسي: "اللي يرفضني ما أتمسك فيه". وهكذا، وبدون أي مشاعر، خطبت فتاة أخرى.
كانت فتاةً طيبة، تصغرني بثماني سنوات، خلوقة، متربية تربية طيبة. زواجنا كان تقليديًا جدًا، وقلبي كان لا يزال مشغولًا بغيرها. دخلت بيتها وأنا لا أملك لها في قلبي أي حب، ومع ذلك كنت أظن أني قادر على أن أبني معها حياة، فقط بالاحترام والواجب، حتى لو كان الحب غائبًا.
مرت السنة الأولى بيننا، وأنجبنا طفلًا. كنت حاضرًا بجسدي، لكني غائب بكل كياني. لم أكن أراها زوجة، بل "امرأة في بيتي". كانت تحبني، تحاول التقرب مني، تهيئ لي الراحة، وتبتسم رغم برودي، لكني كنت دائمًا أرى عيوبها، أتجاهل حسناتها، وأنتظر أي خطأ بسيط لأُبرّر لنفسي النفور منها.
ثم جاء اليوم الذي علِمت فيه أن والد الفتاة التي أحببتها قد تُوفي. وفورًا... عاد كل شيء!
عادت مشاعري، وعاد الحنين كأن السنين ما مرت. بحثت عنها، تواصلت معها، صارحتها بأني لا زلت أحبها، وأني تزوجت فقط لأن نصيبي معها لم يتم. أخبرتها أن زوجتي لا تعني لي شيئًا، وأنها مجرد مرحلة في حياتي، لا أكثر.
كنت وقتها أعيش في نشوة الحنين، والاندفاع وراء العاطفة، وقررت أن أطلق زوجتي الأولى. لم أخبرها بشيء، فقط أبلغتها بالطلاق. ولم ترد، لم تسأل، لم تبكِ أمامي، لم تتوسل، لم تلمني حتى… فقط اختفت.
تزوجت من الفتاة التي أحببتها، وعدت أعيش قصة الحب التي كنت أتمناها منذ البداية. كانت زوجتي الثانية امرأة رائعة، تفهمني، تحبني، وتبادلني المشاعر التي افتقدتها من قبل. كنت سعيدًا… أو هكذا ظننت.
مرت السنوات، سنة وراء سنة… حتى أصبح ابني من زواجي الأول عمره 11 سنة. كبر بعيدًا عني، لم أحتضنه في سنواته الأولى، لم أتابع خطواته، لم أحضر مناسباته المدرسية، لم أُقبّله وهو نائم، لم يسمع صوتي وأنا أحكي له قصة قبل النوم. واليوم؟ لا يناديني "أبي"، لا يحترمني، وأشعر أن بيننا سورًا عاليًا لا أقدر على تسلقه.
كل ليلة… أضع رأسي على الوسادة، وتبدأ الذكريات.
لا أدري لماذا، لكن زوجتي الأولى لا تفارق تفكيري. لا أكنّ لها حبًا، ولا أريد أن أعود لها، لكن وجودها في عقلي مستمر.
ربما لأني ظلمتها…
ربما لأني طردتها من حياتي فجأة، دون مبرر حقيقي.
وربما لأن ملامح ابني تذكرني بها، تذكرني بلحظة الوداع البارد الذي لم يكن يستحقه أحد.
زوجتي الحالية، لم تقصر في شيء، وما زلت أحبها، لكنها لا تدري أن في عقلي ساحة حرب.
قلبي هنا، وعقلي هناك…
أعيش بين امرأتين:
إحداهنّ تسكن قلبي، والأخرى تسكن ذاكرة لا تموت.
أعرف أني أخطأت، لكني لا أبحث عن تبرير.
أحاول فقط أن أفهم: لماذا لا تختفي؟
لماذا لا تذوب تلك الذكرى مع الوقت؟
لماذا لا أنسى امرأة لا أكنّ لها حبًا، لكن رحيلها صار غصّة؟
هذه ليست قصة ندم، بل قصة إنسان عرف قيمة ما ضيّع بعد أن خسر كل شيء دفعة واحدة:
امرأة طيبة… وابن لا يعرفه.
واليوم؟
أنا فقط… أعيش مع الأسئلة.
تعليقات
إرسال تعليق